Skip to content

الكشف عن الحقيقة: محادثة صادقة مع المخرجة أسماء المدير حول فيلمها ”كذب أبيض“

يناير 7, 2024

أسماء المدير؛ المخرجة الواعدة المعروفة بشغفها لرواية القصص الشخصية، قدمت مؤخرًا للجمهور تجربة معمقة من خلال فيلمها الوثائقي “كذب أبيض”، الذي دعمه صندوق البحر الأحمر. حيث يُعدّ الفيلم؛ الذي عُرض لأول مرة في مهرجان كان السينمائي وتم اختياره ضمن القائمة القصيرة لسباق الأوسكار لجائزة أفضل فيلم دولي لعام 2024، بحثًا شخصيًّا عميقًا في تاريخ عائلتها. تقول أسماء: “كان فيلم ‘كذب أبيض’ قصة شخصية عن عائلتي، تتناول موضوعات الذاكرة واختلاق السرديّات بدون أدلة محسوسة، ويستكشف كيف نعيد بناء الذاكرة ونصوغ الأحداث الماضية من جديد”.

صناعتها للفيلم الوثائقي كانت مدفوعة بحيرة المدير حيال ندرة الصور الشخصية في عائلتها، وهو ما اكتشفت لاحقاً أنه بسبب منع جدتها زهرة التقاط أية صور أو تصوير فوتوغرافي. لتجسيد ذكريات طفولتها، قامت المدير ووالدها بصنع مجموعة من التماثيل المصغرة بدلاً من الاعتماد على الصور الشخصية. تقول المدير: “الفيلم يمزج الخيال بالواقع بطلاقة. يبرز براءة الأطفال ويوازنها بقسوة الحياة الواقعية. كان التحدي هو الانتقال بين الواقع والخيال دون إشارة واضحة لهذا التحول، مما خلق بذلك تجربة مشاهدة جذابة ومثيرة.”

رحلة العشر سنوات لصناعة هذا الفيلم لم تخلُ من التحديات. تشرح المدير: “كان إقناع عائلتي ومجتمعي للمشاركة في المشروع تحديًا. استغرق الأمر وقتًا لبناء الثقة وتهيئة بيئة آمنة لهم لسرد قصصهم.” وعلاوة على ذلك، فإن عدم توفر مواد أرشيفية دفع المدير لإنشاء أرشيف خاص بها، مما أطال فترة الإنتاج. ورغم وجود قيود مالية، إلا أن الدعم من صندوق البحر الأحمر لعب دورًا حاسمًا في تسهيل العملية، وفقًا لما ذكرته المدير.

وقد أضافت المدير “صندوق البحر الأحمر لم يوفر الدعم المالي فقط، بل قدم أيضًا دعمًا إبداعيًا وفنيًا في مجال السينما، دورهم تجاوز مسألة التمويل البحتة؛ إذ ساهموا في إيجاد نظام بيئي متكامل لصانعي الأفلام. الفرص التي يتيحها الصندوق ذات قيمة كبيرة، وهي تساعد صانعي الأفلام مثلي على الانطلاق نحو المحافل الدولية ونشر قصصنا على نطاق عالمي.”

أسماء المدير، التي تولت أدوارًا متعددة كمخرجة ومنتجة ومحررة، معبرة عن التزامها القوي بتحدي الأعراف التقليدية في مجال صناعة الأفلام. رغم الموارد المحدودة التي كانت تحت تصرفها، عملت على تعلم مختلف جوانب الإنتاج السينمائي بنفسها، مخصصة عامين كاملين للعمل على فيلمها. تقول المدير: “بسبب محدودية الموارد، توليت مهمة تحرير الفيلم بنفسي. عملت بجهد واجتهاد لمدة عامين، مكرسة كل طاقتي ووقتي لهذا المشروع.”

نصيحة المدير للمخرجين الطموحين تتردد أصداءها على امتداد مسيرتها الخاصة: “أحثّ صانعي الأفلام على كسر الحدود وتجربة أشكال وأساليب مختلفة داخل الأفلام الوثائقية. استعينوا بالإبداع لتقديم القصص بأمانة وأصالة. لا تخشوا تبني الأفكار الغير تقليدية. اغتنموا حرية الاستكشاف، البحث العميق، والاحتفاء بالصدق في سردكم للقصص.”

حاليًا، تعمل المدير ضمن برنامج إقامة مهرجان كان السينمائي لتطوير فيلمها القادم، وهو فيلم روائي يستند إلى قصة حقيقية. تعلق قائلة: “مشروعي المقبل هو فيلم روائي يستند أيضًا إلى أحداث حقيقية. يغوص في تجارب واقعية، مع منح الجمهور الفرصة للتحليق في عالم الخيال. أواصل مهمتي في تسليط الضوء على المشاكل التي تواجهها النساء في منطقتنا وتقديمها من خلال التعبير الفني.”

“نحن نعود دومًا إلى الأمور التي تسبب لنا الألم، وأنا أؤمن بأن كل تجربة نمر بها في الحياة تستحق أن تُروى”، تصرح المدير. “ما دمت أصادف أحداثًا لها تأثير ملموس على الحياة، سأواصل صناعة الأفلام. جميع أفلامي تنبع من تجاربي الشخصية، سواء كانت لحظات عابرة في سيارة أجرة، قطار، أو حتى في شوارع المدينة. لن أروي قصة لم أعشها بنفسي في الواقع.”